الخميس، 16 يونيو 2011

بصفعة "إيلان" .. مصر الثورة تنتقم سريعا من وقاحة داغان

يبدو أن المفاجأة التي فجرتها السلطات المصرية في 12 يونيو حول إلقاء القبض على الجاسوس الإسرائيلى "إيلان تشايم جرابيل" في أحد الفنادق بوسط القاهرة جاءت في توقيت مناسب جدا لإنقاذ أرض الكنانة من أية مخططات شيطانية جديدة تستهدف الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين .
فمعروف أن البعض وجه أصابع الاتهام لإسرائيل فيما شهدته منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة من أحداث طائفية في 7 مايو ، إلا أن هناك من وقع وللأسف في الفخ الصهيوني المنصوب لثورة 25 يناير سواء كان ذلك عبر تنظيم الاعتصامات أو المطالبة بحماية دولية للمسيحيين في أرض الكنانة .
ولعل ما ضاعف الحزن أكثر وأكثر أن تفاصيل المؤامرة الصهيونية كانت واضحة تماما ، إلا أن هناك من تناسى أيضا تضحيات شهداء الثورة المجيدة والمشهد التاريخي في ميدان التحرير عندما دافع كل من المسلم والمسيحي عن بعضهما البعض في وجه رصاص نظام مبارك السابق .

بل واللافت للانتباه أيضا أن تصريحات الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" مائير داغان كشفت هي الأخرى بوضوح أبعاد ما حدث في إمبابة ، إلا أن هذا لم يمنع البعض من التركيز فقط في وسائل الإعلام على الأسباب الداخلية للفتنة الطائفية والدخول في معارك كلامية لا طائل منها .    
وكان داغان وفي تعليقه على سؤال لمقدمة النشرة الصباحية بالقناة الثانية الإسرائيلية يونيت ليفي في 8 مايو حول انتفاضة الخامس عشر من مايو التي دعا إليها كثير من الشباب العربي على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت للزحف نحو فلسطين المحتلة وكسر الحصار الخانق على غزة ، رد وهو يبتسم بسخرية ووقاحة ، قائلا :" شكرا للفتنة الطائفية في مصر".


مائير داغان

ولم يقف الأمر عند تصريحات داغان السابقة التي جاءت بعد يوم فقط من أحداث إمبابة ، فقد كشف مصدر أمني مصري يوم الثلاثاء الموافق 10 مايو عن إلقاء القبض على 10 أشخاص على خلفية نشر تسجيل مصور على شبكة الإنترنت يدعو لحرق كنائس إمبابة بمحافظة الجيزة.
وكان تسجيل مسجل " كليب " انتشر على العديد من المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت يدعو المسلمين إلى مهاجمة الأقباط وحرق جميع الكنائس بإمبابة وذلك بعد الأحداث التي وقعت هناك يوم السبت الموافق 7 مايو وأسفرت عن مقتل 12 شخصا وإصابة 240 آخرين.
وبالنظر إلى اختراق الموساد الإسرائيلي لمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت ، فإن هناك من رجح تورطه في نشر هذا "الكليب" لإشعال الأوضاع في مصر أكثر وأكثر.
القبض على إيلان 
وجاءت المفاجأة التي فجرتها السلطات المصرية في 12 يونيو حول إلقاء القبض على الجاسوس الإسرائيلى "إيلان تشايم جرابيل" في أحد الفنادق بوسط القاهرة لتشكل دليلا قاطعا حول تورط تل أبيب فيما يقع من أحداث مريبة في مصر الثورة ، بل وأكدت أيضا أن المخطط الصهيوني الذي يستهدف وحدة مصر لن يتوانى عن فعل أي شيء في حال لم يلتزم الجميع سواء مسلمون أو مسيحيون اليقظة والحذر ويتوحدوا جميعا في مواجهة الخطر المحدق بهم .


صورة أخرى للجاسوس

وكان المستشار عادل سعيد النائب العام المساعد والمتحدث الرسمي للنيابة العامة المصرية كشف في 12 يونيو عن إلقاء القبض على جاسوس إسرائيلي تم دفعه إلى داخل البلاد بغرض التجسس ومحاولة جمع المعلومات والبيانات ورصد أحداث ثورة 25 يناير والتواجد في أماكن التظاهرات وتحريض المتظاهرين على القيام بأعمال شغب تمس النظام العام والوقيعة بين الجيش والشعب ، بالإضافة إلى رصد مختلف الأحداث للاستفادة بهذه المعلومات بما يلحق الضرر بالمصالح السياسية والاقتصادية والإجتماعية للبلاد والتأثير سلبا على الثورة.
وأوضح المستشار السعيد في بيان له أن النيابة العامة كانت تلقت معلومات من المخابرات العامة حول الجاسوس الإسرائيلى "إيلان تشايم جرابيل" الذي تم إلقاء القبض عليه في أحد الفنادق بوسط القاهرة في 12 يونيو ، مشيرا إلى أن معلومات المخابرات العامة كشفت أن المتهم كان أحد عناصر الجيش الإسرائيلى وشارك فى حرب لبنان عام 2006 وأصيب خلالها.
وأضاف أن أجهزة المخابرات العامة المصرية بالتعاون مع بعض شباب الثورة المصرية بميدان التحرير تمكنت من إلقاء القبض على المتهم الذي اتضح أنه دخل مصر على أنه صحفي أجنبى بإحدى الوكالات وحاول تجنيد بعض الشباب المشاركين فى المظاهرات بميدان التحرير وشارك فى إشعال الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين والوقيعة بين الجيش والشعب .
وفيما قررت نيابة أمن الدولة العليا طواريء حبس الجاسوس الإسرائيلي 15 يوماً علي ذمة التحقيقات بعد أن وجهت له تهمة التجسس والاضرار بالأمن القومي للبلاد ، أشارت تقارير صحفية مصرية نقلا عن مصدر قضائي إلى أن المتهم اعترف أمام النيابة العامة بأن الموساد الإسرائيلى كلفه بدخول مصر ومحاولة تجنيد بعض العملاء والاتصال بعناصر مختلفة في محاولة لنشر الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية بالبلاد .
وتابع المصدر أن الجاسوس رصد في منطقة إمبابة وقرية صول اللتين شهدتا أحداث عنف طائفي في مايو/ أيار ومارس/ آذار الماضيين ، مشيرا إلى أن نيابة أمن الدولة استمعت أيضا إلى أقوال بعض شباب ثورة 25 يناير الذين أكدوا أن المتهم حاول تجنيدهم مقابل مبالغ مالية .
تفاصيل الجريمة  





وفي التفاصيل ، كشف المصدر ذاته أن خيوط الجريمة بدأت عندما تمكن الضابط من الدخول إلى مصر فور قيام ثورة 25 يناير على أنه صحفى أجنبى ومراسل لوكالة أنباء دولية معروفة لتغطية الأحداث التي تمر بها خلال الثورة ، حيث قام بالتواجد بصفة مستمرة مع شباب الثورة بميدان التحرير وحاول تجنيد البعض منهم لإثارة الفتنة الطائفية وتوزيع أموال على بعضهم حتى يقوموا بالاحتكاك برجال القوات المسلحة والقيام ببعض أعمال العنف ونشر الفوضى بالبلاد ، وهو الأمر الذي أثار شكوك بعض شباب الثورة ، فقاموا بإخطار أجهزة المخابرات العامة المصرية وإخبارها بمحاولة تجنيدهم من قبل المتهم .
وعلى الفور ، قام جهاز المخابرات العامة برصد تحركات الجاسوس الإسرائيلى بميدان التحرير واتصالاته مع جهاز الموساد الإسرائيلى وبعض العناصر الأخرى التابعة لأجهزة استخباراتية أجنبية ، وتبين أن المتهم شارك في إشعال أحداث الفتنة الطائفية بإمبابة وتم تصويره هناك وتسجيل وتصوير اتصالاته الشخصية والهاتفية مع بعض العناصر التابعة له بالداخل والخارج لإشعال نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين .
كما قام جهاز المخابرات العامة برصد وتصوير المتهم أثناء تواجده بميدان التحرير وتوزيع بعض الأموال على الشباب المتواجد بالميدان للهجوم على بعض أفراد القوات المسلحة المتواجدة في المنطقة ومحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب لإحداث الفوضى بالبلاد .
وبالإضافة إلى ما سبق ، تم رصد وتصوير المتهم أثناء تواجده مع شباب الأقباط الذين كانوا معتصمين أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بمنطقة ماسبيرو ومحاولاته إشعال أحداث الفتنة الطائفية .
مزاعم وأدلة





ورغم أن الحكومة الإسرائيلية زعمت أن التقارير المصرية حول القضية تخلو من المصداقية ، إلا أن هناك عددا من الأمور تفضح مزاعمها في هذا الصدد ، فقد أعلنت السفارة الأمريكية في القاهرة أنها تعمل على تأكيد هوية جرابيل وجنسيته ، ثم عادت في وقت لاحق وأكدت أن أحد موظفيها زار جرابيل وأكد أنه بصحة جيدة.
كما كشفت وكالة "رويترز" أن الجاسوس سبق أن كتب على مواقع بشبكة الإنترنت أنه يأمل أن يروج للسياسات الإسرائيلية في العالم العربي، مضيفة أن الصور التي نشرت له في مصر تتطابق مع صوره في صفحة "مشروع إسرائيل" على موقع "فيسبوك" وهي صفحة خاصة بجماعة مؤيدة لتل أبيب .
وأضافت الوكالة في تقرير لها أن القبض على جرابيل "27 عاما" قد يزيد من التوتر في العلاقات بين إسرائيل والقيادة الجديدة في مصر، حيث وصف وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن إليعازر اعتقاله بأنه "عمل هواة من جانب قوات الأمن" يستهدف توصيل رسالة للشعب المصري بأن "السلطات ما زالت تسيطر على أمن الدولة".
وبالإضافة إلى ما سبق ، فإنه وعلى صفحته على موقع فيسبوك ، لم يخف جرابيل وجوده في مصر وكتب أنه "خطب في الأزهر" وذكر أنه درس بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بولاية ماريلاند الأمريكية ثم اختفت الإشارة للأزهر من على الصفحة في وقت لاحق.
ومن جانبها ، قالت إيرين والدة جرابيل إن ابنها يعمل لحساب جماعة سانت أندروز لخدمات اللاجئين وهي منظمة غير حكومية بالقاهرة .
وفي اتصال هاتفي مع القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي ، أضافت أن ابنها يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية وأنها لم تتحدث معه منذ اعتقاله.
وبجانب ما سبق ، نشرت مقالات عن خدمة جرابيل العسكرية في إسرائيل في صحيفة "هآرتس" أشارت إلى أنه هاجر لإسرائيل من كوينز في نيويورك في العام 2005 وكان عمره 22 عاما.
كما ظهر جرابيل في نشرة منظمة أصدقاء الجيش الإسرائيلي بزيه العسكري بجوار متبرعين أمريكيين ودبلوماسيين إسرائيليين في مناسبات لجمع التبرعات في شيكاغو وهيوستون .
وأخيرا ، أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 13 يونيو أيضا أن الإسرائيلي المعتقل في مصر لاتهامه بأنه ضابط في جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" هو أمريكي الأصلي يدعى إيلان جرابيل وهاجر إلى إسرائيل قبل سنوات وتم تجنيده في كتيبة المظليين عام 2005 ثم أصيب في حرب لبنان الثانية في العام التالي.
وأضافت الصحيفة أن جرابيل هاجر إلى إسرائيل بهدف التجنيد في جيشها ، مشيرة إلى أنه تعلم اللغة العربية وتميز بالذكاء وحس الفكاهة.
براعة المخابرات المصرية 





ويبدو أن النقطة الأخيرة تحديدا تؤكد مجددا مدى براعة المخابرات المصرية ويقظة شباب الثورة المصرية في الوقت ذاته ، فقد كشف الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل في تصريحات لبرنامج "العاشرة مساء" على قناة "دريم " أنه عندما قامت الثورة لم يكن أمام إسرائيل سوى الاعتماد على شخص مدرب ومجهز وذكى كإيلان ، مشددا على أن القبض على هذا الجاسوس يعد "شطارة" من المخابرات المصرية ، حيث أنه لم يستطع كشف مراقبة المخابرات المصرية له رغم أنه مدرب ومجهز لمثل هذه المواقف.
وبالإضافة إلى ما سبق ، فإن هناك أمرا آخر يؤكد عبقرية المخابرات العامة ومن شأنه أن يطمئن المصريين أكثر وأكثر ألا وهو أن القبض على الجاسوس جرابيل يعتبر رابع قضية تجسس لصالح الموساد يتم ضبطها منذ ثورة 25 يناير ، حيث أعلن في وقت سابق عن القبض على شخصين عربيين أحدهما أردني بتهمة التعاون مع الموساد ، كما كشفت صحف مصرية أن النيابة تجري تحقيقات مع شبكة تجسس إسرائيلية كبيرة تضم مصريا وإسرائيليين تم القبض عليهم في أعقاب تنحي مبارك مباشرة.
وبصفة عامة ، فإن المخابرات المصرية بعثت برسالة تحذير قوية لإسرائيل مفادها أنها لن تسمح لها باستغلال الانفلات الأمني لضرب استقرار أرض الكنانة وتهديد وحدتها الوطنية وعرقلة تقدم ثورتها نحو تحقيق كافة أهدافها وخاصة فيما يتعلق بتعزيز قيم المواطنة وسيادة القانون واستعادة دورها الريادي في المنطقة.
منقول من محيط 

هناك تعليقان (2):